سبحان الله              الحمد لله           لا اله الا الله             الله أكبر                سبحان الله وبحمده , سبحان الله العظيم , عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته                     اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات الأحياء منهم و الأموات

لماذا تمنع حرية التنصير في البلاد الإسلامية ولا تمنع الدعوة للإسلام في البلاد الغربية؟

Rayk Cool for blogger tutorial
z
يوقفنا الدكتور محمد عمارة في بحثه "الفارق بين الدعوة والتنصير" على أهم الفوارق بين الدعوة إلى الله وبين التبشير بالمسيحية، وذلك إجابة منه على سؤال يردده الكثيرون من المسلمين والمسيحين:  لماذا تمنعون حرية التنصير في بلادكم الإسلامية في الوقت الذي تدعون فيه إلى الإسلام في البلاد الغربية؟
وقد اختصرت البحث بما لا يخل بمضمونه وما يجعل مادته ميسرة قراءتها للجميع:
لا يقف التنصير والمنصِّرون عند حدود العمل على تحويل عدد من المسلمين عن عقيدتهم الإسلامية إلى النصرانية، وإنما يتجاوز الأمر إلى كثير من الأبعاد والميادين.
فالتنصير في حقيقته إنما يعتمد على الإكراه أكثر مما يعتمد على حرية الاعتقاد، وذلك عندما يعمل المنصرون في ركاب الغزاة الغربيين لبلاد الإسلام مستغلين الكوارث المادية والمعنوية التي يخلفها الاحتلال لتقديم المساعدات باسم "يسوع"!
والتنصير الغربي يعمل أيضًا بالاعتماد المتبادل مع الكنائس المحلية في البلاد الإسلامية، فيُخرج هذه الكنائس عن وطنيتها ويقودها للخيانة، حتى يزرع بذور التوتر الديني والفتن الطائفية التي تشيع "الفوضى الخلاقة" فتُجهض النهوض الحضاري في مجتمعات الإسلام.
والتنصير –الذي يدعو أصحابه إلى التدين بالنصرانية- هو الذي يقيم -ومعه الكنائس المحلية- حلفًا غير مقدّس مع الشرائح العلمانية في المجتمعات الإسلامية، تلك التي صنعها الاستعمار على عينه، لتضخيم العقبات أمام المشروع الإسلامي.
بل إن التنصير والمنصرين –رغم رداء الدين الذي يلبسونه- يشجعون نشر الفلسفات المادية والإلحادية في بلاد الإسلام، باعتبارها عقبات في سبيل سيادة الإسلام في المجتمعات.
الكنائس الغربية والمشهد التنصيري: وإذا كانت هذه الأساليب "المكيافيلية – اللاأخلاقية" هي الشاهد الصادق على إفلاس التنصير وكنائسه.. فإن في دلائل هذا الإفلاس ما هو أعجب وأغرب.
إن هذه الكنائس الغربية والشرقية، المشغولة والمحمومة بتنصير المسلمين، قد تركت "بيتها النصراني" خربًا ينعق فيه البوم والغربان! وبدلا من أن تعمّره، انطلقت لتنصير المسلمين، وكأنها تريد أن تخرب بيوت الآخرين كما خرّبت بيتها النصراني!
إن الذين يؤمنون في أوروبا بوجود إله في هذا الكون لا يتعدّون 14% من الأوروبيين! والذين يذهبون إلى القداس مرة في الأسبوع في فرنسا أقل من 5% من السكان، و10% من الكنائس الإنجليزية معروضة للبيع، لعدم وجود مصلين، وفي جمهورية التشيك لا يذهب للقداس الأسبوعي إلا 3% من السكان، ولذلك فإن 50% من الكنائس زائدة عن الحاجة ومعروضة للبيع، وهكذا كثير من الكنائس التاريخية في أوروبا قد تحولت إلى ملاه ومطاعم.
ولقد أدّى هذا الإفلاس الكنسي إلى إفلاس أكبر وأفدح، قاد الكنيسة الغربية إلى التعايش مع الشذوذ الجنسي في محاريبها وبمباركتها! وأمام هذا الإفلاس، وأمام هذه المستنقعات نرى "العبثية" "واللامعقول" في دأبها المحموم على تنصير المسلمين!
ولقد جرّت هذه الكنائس الغربية عددًا من الكنائس الشرقية إلى ذات المستقنع، فاشتغلت هي الأخرى بالتعصب الطائفي، مما أدّى لضمور الحس الوطني لدى قطاعات كبيرة من رعيتها، أو إلى انقلابة على النصرانية وتحوّل إلى الإسلام، ولم يغن تلك الكنائس عن الإفلاس أن تحولت إلى قلاع، وإلى مؤسسات إنتاج إقطاعي ورأسمالي.. فأفضى هذا كله إلى واقع تتحدث أرقامه عن دخولها برعيتها عصور الانقراض!
فحسب دراسة حديثة أن ما بين 12 و15 مليون مسيحي عربي في الشرق الأوسط سينخفض عددهم إلى 6 ملايين فقط بحلول عام 2025 !!
ذلك هو المشهد التنصيري الذي صنعته الكنائس الغربية ثم جرّت إليه عددًا من الكنائس الشرقية، وهو مشهد عبثي يبلغ في العبثية قمة اللامعقول.. ومع ذلك كله يصدر الفاتيكان الإعلانات عن حقّه وواجبه في التنصير! وتتحدث قيادات الكنيسة الشرقية عن أن التنصير تكليف مقدّس كلفهم به المسيح عليه السلام، على أن المسيح قد بعث حصرًا على خراف بني إسرائيل، وليس بين هؤلاء المنصرين شجاعة لممارسة التنصير في بني إسرائيل، فقط كل همّهم.. تنصير فقراء المسلمين!
وبعد كلّ هذا: يسأل كثيرون من الأوروبيين والغربيين كثيرًا من المسلمين: لماذا تمنعون حرية التنصير في بلادكم الإسلامية في الوقت الذي تدعون فيه إلى الإسلام في البلاد الغربية؟
والرأي أننا لا بدّ وأن نصارح هؤلاء السائلين بالفروق الجوهرية بين مكانة الإسلام في الدول الإسلامية، وموقف هذه الدول معه، وبين حال الدين في المجتمعات العلمانية الغربية، والموقف منه، ثم الفارق بين منهاج الدعوة إلى الإسلام، ومناهج التنصير والمنصّرين.
الفرق الأول: إن الإسلام يتميّز بأنه دين ودولة، ومن ثَمّ فإن حكومات الدول الإسلامية لا يمكن أن تكون محايدة إزاء هذا الإسلام، لأنه مقوّم من مقومات الاجتماع والسياسة والتشريع والنظام، وزعزعته زعزعة لمقوم من مقومات المجتمع ونظامه.
وليس هكذا حال الدين في المجتمعات العلمانية، وخاصة في ظلّ النصرانية التي تدع ما لقيصر لقيصر، وتقف عند خلاص الروح ومملكة السماء، فإن إنجيلها ينص على أن مملكة المسيح عليه السلام خارج هذا العالم، وهي لذلك قد خلت من السياسة والقانون.
ولهذا لا تفتح البلاد الإسلامية الأبواب أمام حرية زعزعة الدين، أو ازدرائه، أو الخروج عن ثوابته في الاعتقاد والأخلاق والتشريع، فحماية الدين في البلاد المسلمة تعني حماية للوطن والولاء له، وتلك خصيصة من خصائص المجتمع المسلم.
الفرق الثاني: إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يتعرض الآن إلى حرب ضروس معلنة من قبل مؤسسات الهيمنة السياسية الغربية، والمؤسسات الدينية الغربية، وكثير من مؤسسات الإعلام الغربية العملاقة.
ومع ضعف إمكانات "الحمايات الفكرية" في البلاد الإسلامية المستضعفة، كان منع حرية "التنصير الرسمي" في حال تكافؤ الفرص والإمكانات عند اجتياح الأقوياء للضعفاء هو الحل الصحيح للتصدي للمشروع التنصيري الضخم.
فليس هناك ذرة من التوازن المادي بين إمكانيات التنصير في العالم بأسره وبين الأفراد المسلمين الذين يدعون إلى الإسلام.
فهل يصح إذن أن تستنكر إجراءات الحماية التي تمنع التنصير الرسمي في البلاد الإسلامية المستضعفة أمام هذا الاجتياح؟!
الفرق الثالث: في ظلّ وجود مؤسسات عملاقة ذات إمكانيات بشرية وتقنية ومادية هائلة، متخصصة في ميدان تنصير المسلمين، فإن هذا التنصير خرج عن أن يكون مجرد دعوة إلى النصرانية ليصبح أداة من أدوات الغزو الفكري والتغريب والمسخ الحضاري، الذي يستعين على ذلك كله حتى بالاستعمار وجيوشه وحكوماته.
ولقد رأينا ذلك وعانينا منه في أفريقيا وآسيا، عندما تمّ تنصير قطاعات كبيرة من البلاد الإسلامية بواسطة الحماية الاستعمارية للمنصرين، حدث ذلك في الفلبين وأندونيسيا والجزائر، ويحدث على أرض أفغانستان والعراق والشيشان والسودان والصومال، لذلك لم يكن التنصير مجرد دعوة إلى النصرانية، وإنما كان ولا زال جزءًا من الحرب الاستعمارية الغربية على عالم الإسلام وأمته وحضارته، في الوقت الذي اعتمد فيه الإسلام انتشاره على القدوة والأسوة والموعظة الحسنة.
الفرق الرابع: إن الدعوة إلى الإسلام دعوة لا تعارض أصل الإيمان بالمسيحية الحقة، وكذلك ولا باليهودية.
إنها دعوة كي يصعد المدعوّ درجة على "سُلَّم" النبوّات والرسالات والكتب والشرائع التي توالى نزولها من الله الواحد على الإنسان.. إنها دعوة إلى إضافة قداسة مكة وحرمتها إلى قداسة القدس وحرمتها، وليست انتقاصًا من قداسة مقدسات الآخرين.
بينما دعوة النصراني للمسلم إلى النصرانية دعوة إلى الكفر بدين سماوي، والجحود بكتاب سماوي، والازدراء لرسول الإسلام وشريعته الخاتمة.
يلخص تلك الحقيقة ويؤكدها الصحابي الجليل حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه عندما قال للمقوس عظيم القبط: "إن لك دينًا –النصرانية- لن تدعه إلا لما هو خير منه، وهو الإسلام الكافي به الله فَقْدَ ما سواه، وما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد، وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل، ولسنا ننهاك عن دين المسيح، ولكنا نأمرك به".
وأما إذا كان المدعوّ وثنيًا، فإن دعوته إلى الإسلام هي دعوة للإيمان بالديانات السماوية الثلاث، والتي ينفرد الإسلام وحده بالإيمان بها، والاحتضان لأصولها، والاحترام لكتبها ورسلها.
علماء الغرب يشهدون بتميّز دعوة الإسلام: ولأن هذه هي حقيقة الدعوة إلى الإسلام –في ظل تلك الفروق الأربعة- فقد كانت الأبواب مفتحة أمامها، دون إكراه تمارسه أو عنف، أو حتى مؤسسة للتبشير به.
ولقد شهد على هذه الحقيقة عدد كبير من علماء الغرب المختصين بدراسات الأديان وتاريخها.. شهدوا على تميّز الإسلام، وتميّز الدعوة إليه، عن النصرانية، وممارسات التنصير.
يقول جورج ستيل (ت 1736 م)، والذي ترجم القرآن إلى اللغة الإنجليزية: "لقد صادفت شريعة محمد ترحيبًا لا مثيل له في العالم.. وإن الذين يتخيلون أنها انتشرت بحدّ السيف إنما ينخدعون انخداعًا عظيمًا".
ويقول سير توماس أرنولد (ت 1930 م): "ونستطيع أن نستخلص بحقّ أن القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام، إنما فعلت ذلك عن اختيار وإرادة".
كذلك شهد هؤلاء العلماء بسماحة الفاتحين المسلمين: يقول ميخائيل الأكبر: "لما أسلمت المدن للعرب، خصص هؤلاء لكل  طائفة من الكنائس التي وجدت في حوزتها، ولم يكن كسبًا هينًا أن نتخلص من قسوة الروم وأذاهم وحنقهم وتحمّسهم العنيف ضدنا، وأن نجد أنفسنا في أمن وأمان".
ويقول المبشر دومينقاني وقد زار المشرق في نهاية القرن الثالث عشر الميلادي: "أما ما يتعلق بالسواد الأعظم من المسيحيين العرب، فالظاهر أنهم قد انتهوا إلى الامتزاج بالمجتمع الإسلامي، الذي كان يحيط بهم عن طريق ما يسمونه الاندماج السلمي، الذي تمّ بطريقة لم يحسها أحد منهم، ولو أن المسلمين حاولوا إدخالهم في الإسلام بالقوة عندما انضووا في بادئ الأمر تحت لواء الحكم الإسلامي لما كان من الممكن أن يعيش المسيحيون بين ظهرانيهم حتى عصر الخلفاء الراشدين، وإن مجرد بقاء الكنيسة المسيحية القومية في إفريقيا الشمالية مثل هذا الوقت الطويل ليدحض أي زعم بأن تحولهم إلى الإسلام قد قام على القوة والإكراه".
لماذا انتشر الإسلام –دين الجهاد- سلمًا؟ بينما النصرانية –دين التصوف المسالم- انتشرت بالسيف والقهر والإكراه؟
هكذا شهد كثير من أعلام الغرب على تميّز الإسلام بانتشاره السلمي السريع، وخلو تاريخه وتاريخ الدعوة إليه من المؤسسات التبشيرية التي تدعو إليه، ومن النفوذ السياسي للنظم والحكومات التي حكمت بلاد الإسلام.
وقد رصد سير توماس هذه الظاهرة الغريبة، التي جعلت الإسلام دين الجهاد ينتشر سلمًا، بينما النصرانية دين التصوف المسالم تنتشر بالسيف والقهر، رصدها في بعض هذه الوقائع التاريخية:
"فرض شارلمان (ت 814 م) ملك الفرنجة التعميدات المسيحية على السكسونيين الوثنيين بحدّ السيف".
"استأصل الملك الدانمركي كنوت (ت 1035م) الوثنية من مملكاته بالقوة والإرهاب".
"وفي النرويج كان الملك أولاف (ت 1000 م) يقوم بذبح هؤلاء الذين أبوا الدخول في المسيحية أو بتقطيع أيديهم وأرجلهم، أو بنفيهم وتشريدهم".
"وفي سنة 1703 جمع الملك دانيال القبائل وأخبرهم أن الأمل الوحيد لإنقاذ بلادهم ودينهم ينحصر في القضاء على المسلمين الذي يعيشون بين ظهرانيهم، وكان من أثر ذلك أن الذين لم ينقضوا عهد الإسلام وأبوا أن يدخلوا في المسيحية من مسلمي الجبل الأسود قتلوا في ليلة عيد الميلاد، في ثبات ورباطة جأش!".
"ظلّ الإسلام قائمًا بين الباشغردية من أهل المجر حتى سنة 1340 م، حتى أرغم الملك شارل روبرت جميع رعاياه الذين لم يكونوا مسيحيين أن يعتنقوا الدين المسيحي أو يغادروا البلاد".
"وفي روسيا لم يفتح الباب أمام التدين بالإسلام إلا بعد أن صدر مرسوم سنة 1905م ينص على التسامح الديني، أما قبل ذلك التاريخ فلقد حاولت الحكومة الروسية فرض المسيحية على رعاياها من المسلمين، بما في ذلك التتار، وكان القانون الجنائي الروسي يتضمن دائمًا عقوبات صارمة لهؤلاء الذين حادوا عن الكنيسة الأرثوذكسية ويعاقب كل شخص تثبت عليه تهمة تحويل مسيحي إلى الإسلام بتجريده من كافة الحقوق المدنية، وبحبسه مع الأشغال الشاقة مدة تتراوح بين ثماني سنين وعشر".
"وفي الحبشة اتخذ الملك سيف أرعد (ت 1370 م) حاكم أمهرة تدابير صارمة ضد المسلمين في مملكته، تقضي بإعدام كل من أبى الدخول في المسيحية أو نفيهم من البلاد".
"وقبائل الجلا والصومال أدخلوا كرها في الديانة المسيحية، أرغمهم ملك الحبشة على انتحال المسيحية في النصف الأخير من القرن التاسع".
تلك هي شهادة حقائق التاريخ، والوقائع التي تجسدت في الممارسات والتطبيقات، والتي تعلن أن التمايز والاختلاف قد كان واضحًا وحاسمًا بين طريق الدعوة الإسلامية وطريق التنصير.
ثمّ وأخيرًا: هل بقي الغرب –حكومات ومؤسسات- على حياده إزاء الدين وإزاء الدعوة إلى الإسلام؟! أم أنه قد اتخذ الإسلام عدوًّا؟
إن أحدث التقارير الرسمية الغربية، التي تتحدث عن الموقف الغربي الحالي من الإسلام والدعوة إليه.. تنص على أن الموقف الشائع من الإسلام في الغرب أنه مصدر تهديد يماثل النازية والفاشية وأن الحرب معه حتمية، وأن العداء للإسلام غير مقصر على الأفراد دون الجماعات، أو الهيئات الصغيرة دون الكبيرة.
انتهى البحث، وهو من مطبوعات مكتبة الإمام البخاري، الإسماعيلية -مصر-، والحمد لله ربّ العالمين، وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



هل تعتقد بأن هذه المقالة قد أعجبتك !!!
إذاَ لماذا لا تشاركها مع أصدقائك الآن  ... من فضلك شيرها

^ أعلى الصفحة