سبحان الله              الحمد لله           لا اله الا الله             الله أكبر                سبحان الله وبحمده , سبحان الله العظيم , عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته                     اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات الأحياء منهم و الأموات

الطلاق فى الاسلام

Rayk Cool for blogger tutorial

س65- لماذا يبيح الإسلام الطلاق  مع أنه يخرب البيوت  ويشرد الأطفال؟
ج65- إن العلاقة الزوجية فى الإسلام تقوم على المودَّة والرحمة  قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم:21] ولكن إذا فُقِدَت هذه المودة والرحمة  وَحَلَّت مكانها الشحناء والبغضاء فماذا يكون الحل؟ هل يبقى الاثنان مرتبطَيْن ببعضهما رغم أنفهما  وكأنهما قد حُكِمَ عليهما بالسجن مدى الحياة؟ إن الإسلام لا يحث على الطلاق  ولكنه يبيحه للضرورة  عندما تستحيل الحياة بين الزوجين قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ((أبغضُ الحلالِ إلى اللهِ الطلاق)) [سنن أبى داود وابن ماجه  والسنن الكبرى للبيهقى] وقد وضع الإسلام للزواج ضوابط شرعية لو اتبعها المسلمون لكان الطلاق نادراً. ومن هذه الضوابط أنه حث على الارتباط بين الزوجين على أساس الدين قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ((تُنْكَحُ المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تَرِبَت يداك)) [متفق عليه] وقال: ((إذا أتاكم من ترضون خُلُقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد عريض)) [صحيح الجامع:270] وأمر الله الرجال بحسن المعاشرة فقال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] وأمر النساء أيضاً بحسن المعاشرة, فقال: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ} [النساء:34] ورغَّب الرجال فى عدم التسرع فى الطلاق فقال: {فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء:19] وقد شرع خطوات للإصلاح يتخذها الأزواج قبل أن يصل الأمر بهم إلى الطلاق ومن هذه الخطوات ما جاء فى قوله تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء:34] فأول خطوة للإصلاح هى وعظ الزوج لزوجته وتخويفها من عقاب الله وهذه الخطوة كافية لمن تتقى الله جل وعلا فإن لم تنزجر بالوعظ لجأ إلى الخطوة التى تليها وهى أن يهجرها فى المضجع  وهذا الهجر كناية عن عدم الجماع  ويُلاحظ أن الله سبحانه وتعالى قال: {فِي الْمَضَاجِعِ} أى أن الزوج لا يترك بيته  بل يهجرها وهو مقيم معها. ومما يؤيد ذلك قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ((حق المرأة على الزوج أن يُطعمها إذا طَعِم ويكسُوَها إذا اكتسى, ولا يضرب الوجه ولا يُقَبِّح ولا يهجر إلا فى البيت)) [صحيح الجامع:3149] وقد قال عبد الله بن عباس (رضى الله عنهما) وغيْرَه: الهجر هو ألا يجامعها ويضاجعها على فراشها ويولّيها ظهره (تفسير ابن كثير) فإن استقامت  ورجعت عن معصيتها له فَبِها ونِعْمَتْ  وإلا- فالخطوة الثالثة  وهى الضرب غير الْمُبَرِّح  قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ((فاتقوا الله فى النساء  فإنكم أخذتموهن بأمانة الله  واستحللتم فروجهن بكلمة الله  ولكم عليهن أن لا يُوطِئن فُرُشكم أحداً تكرهونه فإن فعلنَ فاضربوهن ضرباً غير مُبَرِّح ولهنَّ عليكم رزقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف)) [صحيح مسلم] وقد قال العلماء: يضربها ضرباً لا يُسيل دماً ولا يكسر عظماً ولا يترك أثراً كأن يضربها بالثوب وَنَحْوِه (أى مثله) والسواك ونحوه.‌ وقد توعَّد الله الرجال إذا تمادوا فى إيذاء نسائهن بقوله: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} [النساء:34] وقد صَحَّ عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه لم يضرب امرأة قط ولا خادماً ولا شيئاً إلا أن يجاهد فى سبيل الله كما جاء ذلك فى (صحيح مسلم) من قول السيدة عائشة  رضى الله عنها. وعندما اشتكت النساء لزوجاته - رضى الله عنهن - من ضرب أزواجهن لهن قال: ((لقد طاف الليلة بآل محمد نساء كثير كلهن تشكو زوجها من الضرب وأَيْم الله لا تجدون أولئك خياركم)) [صحيح الجامع:5137] وإذا فعل الزوج كل هذه الأشياء  وعالج بكل هذه الأدوية  ولم تنجع فى نُشوز زوجته  يأتى الحل قبل الأخير  وهو الذى ورد فى قوله جل وعلا: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً} [النساء:35] فإن لم تفلح كل هذه الحلول  لم يكن بُدّ من الطلاق {وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ} [النساء:130] وهنا يعطى الإسلام للرجال فرصتين ليراجعوا زوجاتهم  ولم يجعلها طلقة واحدة أو اثنتين وينتهى الأمر  بل جعل الطلاق ثلاث مرات. وفى كُلّ من الطلقتين الأُولَيَيْن تمكث المرأة فى بيت زوجها  وتؤاكله وتشاربه  وتتزين له  إلا أنه لا يجامعها إلا إذا راجعها  ومن العلماء من قال: إن جامعها فقد راجعها. وهنا نُذَكِّر بأمر هام جداً لا يفطن له كثير من المسلمين حيث أنهم يخرجون المرأة من بيت زوجها بعد الطلقة الأولى والثانية وهذا مخالف لشرع الله جل وعلا  فسبحانه له الحكمة فى بقائها فى بيت زوجها  لعله يَحِنّ إليها  وتَحِنّ إليه  ويصلح الله بينهما  ويزيل العداوة من قلبيهما  قال تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً} [الطلاق:1] وقد أباح الله للزوج والزوجة أن يتصالحا على أمر مُعَيَّن حتى لا يطلقها  فبعض الرجال تكون له أكثر من زوجة  وليس بوسعه أن يعدل بينهما - أو بينهن - فينوى أن يطلق واحدة  ففى هذه الحالة (بدلاً من الطلاق) يتصالحان - مثلاً - على ألا يُسوِّى بينهما فى النفقة أو المبيت  بشرط أن يكون ذلك برضاها  وبغير إعضال لها  حتى لا ينهدم ذلك البيت المسلم  ويتشرد الأطفال  إن كان بينهما أطفال  يقول الله تبارك وتعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء:128] ولم يُعْطِ الإسلام الحق للرجل دون المرأة فى الطلاق  فلها الحق أن تنخلع من زوجها إن كان يؤذيها  أو لا يقوم بحقها.
 ولكن - رغم إباحة الطلاق والْخُلْع - فقد حَثَّ الإسلام كُلاً من الزوجين على الصبر واحتمال الأذى ورد السيئة بالحسنة  لدرجة أنه أَحَلَّ الكذب بينهما فى أمور العاطفة  حتى تدوم العِشرة  وينصلح حال الأسرة.
وقد كان الطلاق مباحاً فى العهد القديم (التوراة) ثم جاء العهد الجديد (الإنجيل) فنسخه  ثم جرت محاولات فى بعض تشريعات أوربية حديثة لتبيح الطلاق مرة أخرى  لِمَا رَأَوْه من فوائده  تماماً كما شعروا بفوائد تعدد الزوجات  والله أعلم.


^ أعلى الصفحة