سبحان الله              الحمد لله           لا اله الا الله             الله أكبر                سبحان الله وبحمده , سبحان الله العظيم , عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته                     اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات الأحياء منهم و الأموات

ما حكم الاحتفال بالمناسبات الإسلامية مثل الهجرة والمولد النبوي؟

Rayk Cool for blogger tutorial

الاحتفال

ما حكم الاحتفال بالمناسبات والأعياد الإسلامية في المساجد مثل الهجرة والمولد النبوي خاصة وأن هناك  من يحرم وهناك من يبيح الرجاء الإفادة أفادكم الله

  الــــــــــــــــــرد:

قام بالرد على هذا السؤال الدكتور/ رجب أبو مليح

دكتوراه في الشريعة الإسلامية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد .

سؤال يتكرر دائمًا كلما مرت علينا مناسبةٌ إسلاميةٌ جديدةٌ، كميلاد النبي- صلى الله عليه وسلم- وهجرته وغزواته، وما مرَّ به أو بالأمة الإسلامية من أحداث عظام كحادث الإسراء والمعراج، أو انتصار حاسم كان له أعظم الأثر في حياة الأمة الإسلامية.

فهل يجوز الاحتفال بهذه المناسبات لأخذ العبر والعظة والوقوف على الدروس التربوية والعملية أو أن هذه بدعةٌ لم تكن في الصدر الأول، ولم يأمر بها النبي- صلى الله عليه وسلم- ولم يعمل بها أحدٌ من أصحابه وأتباعه، ولم يقُل به فقيهٌ من الفقهاء الأوائل؟!

في البداية لا بد من توضيح أن هناك اتجاهين للفقهاء- قديمًا وحديثًا- فبعضهم يرى أن الاحتفالَ بالأعياد والمناسبات من العادات، والأصل فيها الجواز ما لم يَرِد دليلٌ بالحرمة، والبعض يرى أن هذه بدعةٌ محدثةٌ لا تجوز ولا تحل مهما كان الدافع والقصد من ورائها.

وقبل أن نقرر الحكم في هذه المسألة نقف أولاً على معنى الاحتفال، فلو كان المقصود بالاحتفال أن يرى المسلم لهذه الأيام فضلاً عن غيرها ويخصَّها بنوعٍ من العبادة والأعمال القلبية أو البدنية فلا تحل هذه الاحتفال بحال؛ حيث إن هذا الاحتفال ينتقل- بهذا القصد- من مجال العادات (والأصل فيها الجواز) إلى مجال العبادات والأصل فيها المنع ما لم يرد دليل بجوازها.. أما إن كان القصد من الاحتفال هو تذكير المسلمين بهذه الأحداث وتلك الانتصارات؛ للوقوف على مظاهر القوة والتأسي والتشبه بسلفنا الصالح فلا مانعَ من الاحتفال بها، بل قد يكون مندوبًا، ما لم يصاحبها محرمٌ.

من خلال هذه المقدمة نستطيع أن نفهم اختلاف الفقهاء، كما نستطيع أن نطبقها على كل ما يمر علينا من مناسبات.

بعض أقوال العلماء في الاحتفال بالمناسبات الإسلامية كالمولد النبوي وغيره:

وهذا الكلام ينطبق على ما نحن بصدده من أمر الاحتفال بالهجرة النبوية المشرَّفة:

1- رأي ابن الحاج رحمه الله في الاحتفال

من المعروف أن ابن الحاج في مدخله كان من أشدِّ الناس حربًا على البدع، ولقد اشتد رحمه الله بمناسبة الكلام عن المولد على ما أحدثوه فيه من أعمال لا تجوز شرعًا، من مثل استعمال آلات الطرب، ثم قال: فآلة الطرب والسماع أي نسبة بينهما وبين تعظيم هذا الشهر الكريم الذي منًّ الله تعالى علينا فيه بسيد الأولين والآخرين.

فكان يجب أن يزاد فيه من العبادات والخير؛ شكرًا للمولى سبحانه وتعالى على ما أولانا من هذه النعم العظيمة، وإن كان النبي- صلى الله عليه وسلم- لم يزِدْ فيه على غيره من الشهور شيئًا من العبادات، وما ذاك إلا لرحمته- صلى الله عليه وسلم- بأمته ورفقِه بهم؛ لأنه- عليه الصلاة والسلام- كان يترك العمل خشيةَ أن يُفرض على أمته رحمةً منه بهم، كما وصفه المولى سبحانه وتعالى في كتابه حيث قال: ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)﴾ (التوبة) لكن أشار عليه الصلاة والسلام إلى فضيلة هذا الشهر العظيم بقوله عليه الصلاة والسلام للسائل الذي سأله عن صوم يوم الإثنين، فقال له: "ذلك يوم وُلدت فيه" فتشريف هذا اليوم متضمنٌ لتشريف هذا الشهر الذي ولد فيه.

فينبغي أن نحترمه حقَّ الاحترام، ونفضله بما فضل الله به الأشهر الفاضلة، وهذا منها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: " أنا سيد ولد آدم ولا فخر" ولقوله عليه الصلاة والسلام: " آدم ومن دونه تحت لوائي".

وفضيلة الأزمنة والأمكنة تكون بما خصَّها الله تعالى به من العبادات التي تُفعل فيها لما قد علم أن الأمكنة والأزمنة لا تتشرف لذاتها، وإنما يحصل لها الشرف بما خُصَّت به من المعاني.

فانظر- رحِمَنا الله وإياك- إلى ما خصَّ الله تعالى به هذا الشهرَ الشريفَ ويوم الإثنين.. ألا ترى أن صوم هذا اليوم فيه فضلٌ عظيم؛ لأنه- صلى الله عليه وسلم- وُلِد فيه، فعلى هذا ينبغي إذا دخل هذا الشهر الكريم أن يُكرَّم ويعظَّم ويُحترَم الاحترامَ اللائق به، وذلك بالإتباع له- صلى الله عليه وسلم- في كونه- عليه الصلاة والسلام- كان يخصُّ الأوقات الفاضلة بزيادة فعل البر فيها وكثرة الخيرات.

ألا ترى إلى ما رواه البخاري- رحمه الله تعالى-: "كان النبي- صلى الله عليه وسلم- أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان" فنتمثل تعظيم الأوقات الفاضلة بما امتثله عليه الصلاة والسلام على قدر استطاعتنا.

2- رأي ابن تيمية رحمه الله في الاحتفال

معروفةٌ شدة ابن تيمية، ومع ذلك كان كلامه ليِّنًا في قضية المولد، ومن كلامه في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم": (وكذلك ما يُحدثه بعض الناس إما مضاهاةً للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبةً للنبي وتعظيمًا له، والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع، وأكثر هؤلاء الناس الذين تجدونهم حرصاء على أمثال هذه البدع، مع ما لهم فيها من حسن المقصد والاجتهاد الذي يُرجى لهم به المثوبة، تجدونهم فاترين في أمر الرسول عما أمروا بالنشاط فيه.. واعلم أن من الأعمال ما يكون فيه خيرٌ لاشتماله على أنواع من المشروع، وفيه أيضًا شرٌّ من بدعة وغيرها، فيكون ذلك العمل شرًّا بالنسبة إلى الإعراض عن الدين بالكلية، كحال المنافقين والفاسقين.. فتعظيم المولد واتخاذه موسمًا قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجرٌ عظيم، لحسن قصده، وتعظيمه لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- إنه يحسن من بعض الناس ما يستقبح من المؤمن المسدد؛ ولهذا قيل للإمام أحمد عن أحد الأمراء إنه أنفق على مصحف ألفَ دينار ونحو ذلك، فقال: دعه فهذا أفضل ما أنفق فيه الذهب، أو كما قال).

3- رأي السيوطي رحمه الله في الاحتفال

وللسيوطي في كتابه (الحاوي للفتاوي) رسالةٌ مطولةٌ أسماها: "حسن المقصد في عمل المولد" وهذه بعض فقراتها: عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي- صلى الله عليه وسلم- وما وقع في مولده من الآيات ثم يُمدُّ لهم سماطٌ يأكلونه، وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يُثاب عليها صاحبها؛ لما فيها من تعظيم قدر النبي- صلى الله عليه وسلم- وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف.

وروى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي عن الشافعي قال:

 المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما: ما أُحدث مما يخالف كتابًا أو سنةً أو أثرًا أو إجماعًا فهذه البدعة الضلالة، والثاني: ما أُحدث من الخير لا خلافَ فيه لواحدٍ من هذا، وهذه محدثةٌ غير مذمومة، وقد قال عمر- رضي الله عنه- في قيام شهر رمضان: نعمت البدعةُ هذه، يعني أنها محدثةٌ لم تكن، وإذا كانت فليس فيها ردٌّ لما مضى هذا آخر كلام الشافعي.

وهو أي المولد وما يكون فيه من طعام من الإحسان الذي لم يُعهد في العصر الأول، فإنَّ إطعامَ الطعامِ الخالي من اقتراف الآثام إحسانٌ، فهو من البدع المندوبة كما في عبارة ابن عبد السلام.

 وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل أحمد بن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه: أصل عمل المولد بدعة لم تُنقَل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرَّى في عملها المحاسنَ وتجنَّب ضدَّها كان بدعةً حسنةً وإلا فلا.. قال: وقد ظهر لي تخريجُها على أصل ثابت وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا: يوم أغرق الله فيه فرعون ونجَّى موسى فنحن نصومه شكرًا لله تعالى، فيُستفاد منه فعل الشكر لله على ما منَّ به في يوم معين من إسداءِ نعمٍ، أو دفعِ نقمٍ، ويُعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة، والشكر لله يحصل بأنواع العبادة، كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم، وعلى هذا فينبغي أن يتحرى اليوم بعينه حتى يطابق قصة موسى في يوم عاشوراء، ومَن لم يلاحظ ذلك لا يبالي بعمل المولد في أي يوم من الشهر، بل توسَّع قوم فنقلوه إلى يوم من السنة وفيه ما فيه، فهذا ما يتعلق بأصل عمله.

وأما ما يعمل بما فيه: فينبغي أن يقتصر فيه على ما يُفهم الشكر لله تعالى، من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهد المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخر، وأما ما تبع ذلك من السماع واللهو وغير ذلك فينبغي أن يُقال ما كان من ذلك مباحًا؛ بحيث يقتضي السرور بذلك اليوم، ولا بأس بإلحاقه به، وكما كان حرامًا أو مكروهًا فيمنعه وكذا ما كان خلاف الأولى انتهى.

قال السيوطي تعليقًا على كلام ابن حجر: "وقد ظهر لي تخريجه على أصل آخر، وهو ما أخرجه البيهقي عن أنس أن النبي- صلى الله عليه وسلم- عقَّ عن نفسه بعد النبوة، مع أنه قد ورد أن جدَّه عبد المطلب عقَّ عنه في سابع يوم لولادته، والعقيقة لا تُعاد مرةً ثانيةً، فيُحمل ذلك على أن الذي فعله النبي- صلى الله عليه وسلم- إظهارٌ للشكر على إيجاد الله إياه رحمةً للعالمين، وتشريعٌ لأمته كما كان يصلي على نفسه لذلك، فيستحب لنا أيضًا إظهار الشكر بمولده، بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرَّات.

 ثم رأيت إمام القرَّاء الحافظ شمس الدين ابن الجزري قال في كتابه المسمى (عرف التعريف بالمولد الشريف) ما نصه: قد رؤي أبو لهب بعد موته فقيل له ما حالك؟! قال في النار إلا أنه يخفف عني كل ليلة اثنين وأمصُّ من بين أصبعي ماءً بقدر هذا وأشار لرأس أصبعه، وإن ذلك بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولادة النبي- صلى الله عليه وسلم- وبإرضاعها له، فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمِّه جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي- صلى الله عليه وسلم- به فما حال المسلم الموحِّد من أمة النبي- صلى الله عليه وسلم- يُسرُّ بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته- صلى الله عليه وسلم- لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيم.

4- رأي فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي

يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: هناك من المسلمين مَن يعتبرون أيَّ احتفاء أو أي اهتمام أو أي حديث بالذكريات الإسلامية أو بالهجرة النبوية أو بالإسراء والمعراج أو بمولد الرسول- صلى الله عليه وسلم- أو بغزوة بدر الكبرى، أو بفتح مكة، أو بأي حدث من أحداث سيرة محمد- صلى الله عليه وسلم- أو أي حديث عن هذه الموضوعات يَعتبرونه بدعةً في الدين، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وهذا ليس بصحيح على إطلاقه، إنما الذي نُنكره في هذه الأشياء الاحتفالات التي تخالطها المنكرات، وتخالطها مخالفاتٌ شرعيةٌ وأشياء ما أنزل الله بها من سلطان، كما يحدث في بعض البلاد في المولد النبوي وفي الموالد التي يقيمونها للأولياء والصالحين، ولكن إذا انتهزنا هذه الفرصة للتذكير بسيرة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وبشخصية هذا النبي العظيم وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمةً للعالمين، فأي بدعة في هذا وأي ضلالة؟!

إننا حينما نتحدث عن هذه الأحداث نذكِّر الناس بنعمةٍ عظيمةٍ، والتذكير بالنعم مشروع ومحمود ومطلوب، والله تعالى أمرنا بذلك في كتابه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا(9) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا(10)﴾ (الأحزاب).. يُذكِّر بغزوة الخندق أو غزوة الأحزاب حينما غزت قريش وغطفان وأحابيشهما النبي- عليه الصلاة والسلام- والمسلمين في عقر دارهم، وأحاطوا بالمدينة إحاطةَ السوار بالمعصم، وأرادوا إبادة خضراء المسلمين واستئصال شأفتهم، وأنقذهم الله من هذه الورطة، وأرسل عليهم ريحًا وجنودًا لم يرَها الناسُ من الملائكة، يُذكِّرهم الله بهذا، اذكروا لا تنسوا هذه الأشياء، معناها أنه يجب علينا أن نذكر هذه النعم ولا ننساها، وفي آية أخرى ﴿إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ(11)﴾ (المائدة) يذكِّرهم بما كان يهود بني قينقاع قد عزموا عليه أن يغتالوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ومكَروا مكرَهم وكادوا كيدَهم وكان مكرُ الله أقوى منهم وأسرع ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ(30)﴾ (الأنفال)

5- رأي الأزهر

جاء في فتوى مطولة لفضيلة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر الأسبق- رحمه الله- نُشرت في كتاب (بيان للناس): "إننا لا نرى بأسًا في الاحتفال بأية مُناسَبَة دينية أو دنيوية، على شرط ألا يكون أسلوب الاحتفال خارجًا عن حدود الشرع، وأن يكون الهدف صحيحًا،

وهناك نقطتان يُثِيرهما مَن يمنعون هذه الاحتفالات التي لم يُنَصَّ عليها، وهما:

1- أنها بِدْعة لم تكن على أيام الرسول وصحابته، وأبسط ردٍّ على ذلك أنه ليس كل جديد بدعةً مذمومةً، وقد سبق توضيح ذلك؛ فقد قال عمر عندما رأى اجتماع الناس على إمام واحد في صلاة التراويح: "نعمت البدعةُ هذه" ولم ينكر عليه أحد.

2- إن هذه الاحتفالات يُطلَق عليها أعياد، وليس في الإسلام إلا عيدان: عيد الفطر وعيد الأضحى، وأبسط ردٍّ على ذلك أن اسم العيد لم يُنَصَّ على مَنْع إطلاقه على غيرهما بالأسلوب الذي تحدث فيه الرسول- عليه الصلاة والسلام- عنهما؛ فقد أطلقه هو على يوم الجمعة كما سبق ذِكْره، كما يُرَدُّ على ذلك بأن العبرة ليست بالأسماء، بل بالمضمون والمُسَمَّيَات، فهل لو سُمِّيَت الخمر باسم آخر يُحَلُّ شُرْبُها؟ إن التحايُل بالشكليات بابُه واسع، على أن إطلاق اسم العيد على الاحتفال بأية مناسبة قد يكون من باب التشبيه بالأعياد الدينية، في إشاعة الفرح والسرور بها، وللحقيقة والمجاز دَوْر كبير في البلاغة العربية؛ فقد نُسِبَت إلى الله في القرآن الكريم: "اليد والعين والوجه" ولم يُرَدْ بذلك حقيقتها على الوجه الذي نراه في عالَم الحوادث، فهو- سبحانه- ليس كمثله شيء.

وبعد.. فلعل في الاحتفال بهذه المُناسبات واستخلاص العِبَر منها ربطًا لقلوب المسلمين بالدين وتاريخه وأمجاده، حتى لا تُنْسَى في غمرة الاحتفالات الدنيوية الأخرى، التي تُحْشَد لها الاستعدادات وتُنْفَق فيها الأموال وتَعْلُو فيها الشعارات، وليس في الاحتفالات الدينية تشريعٌ جديدٌ من صلاة وصيام ونحوهما مما شُرِع في عيدَي الفطر والأضحى، وعلى هذا فليس هناك إحداث في الدين ما ليس منه حتى يُرَدَّ، والمهم أن يَتِمَّ كل ذلك في إطار الحدود المشروعة، وعدم التعصُّب للشكليات؛ فالعبرة بالجوهر، وعلى الله قصد السبيل، والأعمال بالنيات.

ذكر النعمة مطلوب إذن، نتذكَّر نعم الله في هذا، ونذكِّر المسلمين بهذه الأحداث وما فيها من عبر وما يُستخلص منها من دروس، أيعاب هذا؟! أيكون هذا بدعةً وضلالةً.

والخلاصة:أن هذه الاحتفالات كلها جائزةٌ ما دام القصد من ورائها هو التأسي وتذكير المسلمين بقضاياهم ولم يصاحبها محرم، والله أعلم.المصدر

هل تعتقد بأن هذه المقالة قد أعجبتك !!!
إذاَ لماذا لا تشاركها مع أصدقائك الآن  ... من فضلك شيرها

^ أعلى الصفحة