سبحان الله              الحمد لله           لا اله الا الله             الله أكبر                سبحان الله وبحمده , سبحان الله العظيم , عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته                     اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات الأحياء منهم و الأموات

أليس من المحتمل أن يكون محمد شاعراً موهوباً كمن سبقه من الشعراء؟

Rayk Cool for blogger tutorial

لقد أجمع علماء النفس والاجتماع والسلوكيات, وسائر العلوم الإنسانية, أن الموهبة لا يمكن بحال من الأحوال أن تتأخر إلى سن الأربعين, فلابد أن تنضح على صاحبها منذ الصغر, كما نشاهد طفلاً عنده حب الزعامة, يقوم بتقسيم زملائه إلى فريقين ليلعبوا بالكرة, ويختار أفراد كِلا الفريقين, وحارس المرمى, وكذا وكذا.. وهم يطيعونه, وليس شرطاً أن يكون أكبرهم سناً, أو أقواهم, أو أذكاهم, ولكن شخصيته قيادية. أو نجد طفلاً محباً للمصارعة والكاراتيه, فيصارع أصدقاءه, ويلعب معهم الكاراتيه, حتى أنه يحاول ضرب إخوته الكبار بالطريقة نفسها. ونجد طفلة تتقمص شخصية المدَرِّسة, وتعطى أوامر لصديقاتها, وتضرب التى لا تطيعها. أو طفلاً عنده حب القرآن أو الخطابة, فتراه يقلد المشايخ, ويسجل صوته, أو يضع أمامه ميكروفوناً, ليقلد شيخ المسجد وهو يخطب. أو طفلاً محباً للرسم, أو الزخرفة, أو الاختراعات… إلخ. وكلما ازدادوا فى العمر, ازداد إتقانهم لما يحبونه, والموهبة لابد أن تُصقَل, وتخضع للتجربة والخطأ, والرسول  لم يُعلَم عنه أنه قال شعراً قط, ولا مدح أحداً, ولا هَجَا أحداً, ولكنه كان يُعرَف بالرجل الْمُتَحَنِّف, أى المائل عن الشرك إلى التوحيد (كان هناك بقية قليلة من الموحدين أتباع سيدنا إبراهيم, على نبينا وعليه الصلاة والسلام) وكان المشركون يقولون إن محمداً قد عشق ربه, ويتعجبون لماذا يترك عبادة الأوثان, ويترك متاع الدنيا, وهم غارقون فيه, ولماذا يترك زوجته الجميلة الغنية وأولاده, وينقطع فى غار حِراء للتفكر فى خلق الله.
ربما يُقال إن موهبة الشعر كانت عنده منذ الصغر, ولكنه لم يظهرها إلا بعد سن الأربعين, فهل كان يضمن أن يعيش لسن الأربعين؟ كما أن الشاعر لا يستطيع أن يصبر على نفسه, ويكتم موهبته, أمام ما يلاقيه من الأحداث, والرسول  وُلِدَ يتيماً, فلم يَرَ أباه, وماتت أمه وهو ابن ست سنين, ومات جده وهو ابن ثمان سنين, وعاش مع عمه الفقير, ورعى الغنم وهو صغير, أمَعَ كل هذه الأحداث يستطيع شاعر أن يصبر على نفسه؟ ويكفى فى الرد على هذه الفِريَة قول الله عز وجل: {قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُون} [يونس:16] وقوله: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت:48] ولنا سؤال: هل هناك دجال يرفض الكمال؟ فإن القرآن كمال, فكيف لا ينسبه إليه, إلا إذا كان رسولاً صادقاً, وخاصة أنه أعجز الفصحاء والبُلغاء من أبناء عصره, وكان يمكنه أن يتفاخر عليهم. إننا نجد الكثير ممن يقتبس الرسالات مثل رسالات الماجستير والدكتوراه والمقالات والمؤلفات من غيره, وينسبها لنفسه, لينال بها شهادة, أو منصباً, أو غيره.
في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
( لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله اكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس )
[خلاصة حكم المحدث: صحيح ]

ولو كان الرسول  هو الذى ألَّف القرآن, فلِمَ لم يُطِع المشركين, ويغير بعض آياته, ليكسب وُدَّهم, أو ليغدقوا عليه الأموال؟ ولِمَ لم يرفع ذِكرَ أهله, ويتفاخر بهم, كما كان يفعل الشعراء من قبله, وقد كانت قبيلته أشرف القبائل؟ ولِمَ ذكر الآيات التى تعاتبه, مثل ما ورد فى سورة (عبس) وغيرها؟ ولِمَ لم يحل مشكلة حادثة الإفك بين يوم وليلة؟ وما الذى جعله ينتظر شهراً كاملاً فى هذه المحنة, بسبب ما قيل عن زوجته الشريفة العفيفة, رضى الله عنها؟ إن الرسول  لم يتكلف شيئاً من عنده, ولم يغير, ولم يبدل {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [يونس:15] ثم إن القرآن ليس شعراً, فإنه لا يخضع لقوافى الشعر وبُحُوره, كما أن الشعراء لهم أحوال نفسية متقلبة كسائر البشر, ويظهر ذلك فى شعرهم, فتراه متناقضاً حسب أحوالهم ومصالحهم, أما القرآن الكريم فليس به أى تناقض {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيد} [فصلت:42] {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} [النساء:82] فأى كاتب أو أديب أو شاعر تجد مؤلفاته بها اختلافات كثيرة, حسب حالته النفسية, أو أهوائه, أو مصالحه, وغالباً لا تجد الشعراء إلا مبالغين فى أقوالهم, غير ملتزمين الصدق فى أشعارهم, كما قيل عن الشعر: (إن أعْذَبَه أكْذَبُه) يقول ربنا تبارك وتعالى: {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ{224} أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ{225} وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ{226} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} [الشعراء:224-227] والعرب كانوا أعلم الناس بالشعر, ولهم قصائد ومُعلَّقات تُدَرَّسُ إلى يومنا هذا, ولم يقولوا عن القرآن إنه شعر إلا جحوداً وصدّاً عن سبيل الله, كما روى ابن جرير عن عكرمة, أن الوليد بن المغيرة قال لأبى جهل (حين طلب منه أن يقول فى القرآن قولاً منكراً): فماذا أقول فيه, فوالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار منى, ولا أعلم برَجَزِه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن, والله ما يشبه الذى يقول شيئاً من هذا, والله إن لقوله لحلاوة, وإنه ليحطم ما تحته, وإنه لَيَعْلُو وما يُعلَى عليه (بقية القصة يُرجَع إليها فى تفسير سورة المدثر) ومعروف أن لكل صاحب قلم أسلوباً خاصاً, كالشعراء والأدباء والكتّاب والصحفيين, لدرجة أنك لو قرأت كتاباً أو مقالاً أو شعراً, لحكمت عليه بأنه أسلوب فلان, وكأنه بَصمته, أمّا الرسول  فقد جاء بثلاثة أساليب: القرآن, والحديث النبوى, والحديث القدسى, وكل أسلوب مختلف عن الآخر, أمّا لو أن أحداً من الكتاب أو غيرهم حاول تغيير أسلوبه, فبعد فترة تجد أن الأساليب توحدت فى أسلوب واحد, وكأنك وضعت عدة ألوان مع بعضها, فتكون النتيجة أنها أصبحت لوناً جديداً واحداً.
ثم لو كان الرسول  أراد من تلقاء نفسه أن يصحح ما كان عليه قومه من عبادة أصنام لا تنفع ولا تضر, وهو يرى بفطرته أن خالق هذا الكون أعظم من هذا بكثير, أليس كان أول خطاب يوجهه لهم: اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً؟ وهل يوجد إنسان له فكر متحضر عن قومه, يريد تغيير ما هم عليه.. ثم يكون أول ما يبدأ به قول: {اقْرَأْ} وهو أصلاً لا يقرأ؟ ولو أن الرسول  ألّفه – كما يقولون – لنسىَ بعضه, كما يُقال: إن كنت كذوباً فكن ذكوراً, وكالمثل الذى يقول: (الكذب مالوش رجلين) أى أن الذى يكذب ينسى ما قاله بعد فترة, ويقول شيئاً غيره, فثبوته على قول واحد على مدار ثلاثة وعشرين عاماً يدل على صدقه. وهناك شىء آخر: إن أى واحد منا إذا خطب فى الناس, وقيل له أعِدْ ما قلته بالحرف الواحد, فلن يستطيع, ولو كان أكثر الناس ذكاءً, فلابد أن ينسى شيئاً, أو يزيد, أو ينقص. ونحن لابد أن نراجع القرآن باستمرار, وإلا- لتفلَّت منا, أما الرسول  فكان يحفظه عن ظهر قلب, مع أنه لا يستطيع القراءة, إلا أنه كان يراجعه مع جبريل  مرة واحدة فى رمضان من كل عام, إلا رمضان الأخير, فقد راجعه عليه مرتين. فعدم نسيان الرسول  للقرآن يدل على أن هناك قوة قادرة تثبّته فى صدره حتى لا ينساه {سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى} [الأعلى:6] وكان الرسول  من حبه فى القرآن يخشى ألا يحفظه, فكان يردد خلف جبريل فنهاه الله عن ذلك فى قوله تبارك وتعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ{16} إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ{17} فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ{18} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَه} [القيامة:16-19] إن الرسول  ليس فقط لم يكن شاعراً, بل إنه كان لا يحفظ أى بيت من الشعر, حتى إنه أراد مرة أن يقول بيتاً من الشعر فأخطأ, فضحك أبو بكر  وقال: سبحان الله! ثم قرأ قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَه} [يس:69], والله أعلم.


هل تعتقد بأن هذه المقالة قد أعجبتك !!!
إذاَ لماذا لا تشاركها مع أصدقائك الآن  ... إضغط هنا الآن وشيرها

^ أعلى الصفحة